1- عشب صناعي وأرضية من مطاط إطارات السيارات: الأطفال في بيئة سامة وخطيرة!

باتت الصفائح الصناعية تشكّل الأرضيات في معظم ملاعب الأطفال. إن التعرض للمواد الموجودة على العشب الصناعي وأرضيّته المصنوعة من مطاط إطارات السيارات هائل، لأن مساحة سطحها كبيرة جدًا، ومكشوفة بالكامل لظروف الطقس المتغيّرة والتآكل الميكانيكي الشديد. يقفز الأطفال ويركضون عليها كالخافق الذي ينثر الغبار من السجاد إلى رئاتهم.

 

يوجد معيار إسرائيلي للعشب الصناعي، لكن هناك العديد من المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة المستثناة، تشمل الرصاص والكروم والزرنيخ في إسرائيل (1). هذه النتائج مماثلة لنتائج دراسات أخرى في العالم (2). قررت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أنّ أي مستوى من الرصاص في الجسم يسبّب ضررًا للأطفال. الضرر الرئيسي للرصاص يلحق بالجهاز العصبي، ويؤدّي إلى اضطرابات وصعوبات في الانتباه والإصغاء والتركيز، صعوبات التعلم واضطرابات سلوكية. مستويات أعلى من الرصاص تسبّب ضررًا بالغًا للدماغ. أمّا فيما يتعلق بالمنصات والأرضيات المطاطية، فقد وجد في دراسة شاملة أجرتها وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة الأمريكية (EPA) أن هذه الصفائح المطاطية تحتوي على مئات المواد الكيميائية، وحوالي 50٪ منها تعرف بسُمّيّتها وتسبّب الإصابة بالسرطان (4,3).

 

المشكلة الأكبر هي أن المعيار لا يروي القصة الصحية الحقيقية للعشب الصناعي والألواح المصنوعة من الإطارات المطاطية: لا يمتص الأطفال الألياف عندما تكون جديدة وسليمة كما اختبرها معهد المعايير. يتفكك العشب الصناعي والأرضيات المطاطية إلى كميات هائلة من الغبار البلاستيكي الدقيق، ويتم امتصاصه في الجسم بعد أن امتصّ بدوره السموم والبكتيريا من البيئة. لذلك، فإن المعيار الإسرائيلي هو بمثابة صرف الانتباه عن فهم الموضوع بكليّته، ويستخدمه المسوقون للأرضيات الصناعية كأداة للرافعة التسويقية.

 

الميكرو بلاستيك أو اللدائن الصغرية هي عبارة عن جزيئات بلاستيكية دقيقة تتشكل بسبب التجوية والتآكل للمنتجات البلاستيكية المختلفة. يخلّف العشب الصناعي كميات هائلة من اللدائن الصغرية في البيئة، أكثر بكثير من جميع الأواني والأكياس والمنتجات البلاستيكية الأحادية الاستخدام. تلوث الجزيئات البلاستيكية تقريبًا كل مكان على هذا الكوكب، بما في ذلك مياه الشرب والطعام، وقد تم العثور عليها داخل أجسام البشر، في الدم والرئتين (5، 6). يتنفس الأطفال ويبتلعون اللدائن البلاستيكية. الحجم الصغير لجزيئات اللدائن البلاستيكية يمنحها مساحة سطح كبيرة نسبيًا ممّا يجعلها ذات قدرة على الامتصاص. يؤدي الامتصاص المستمر إلى زيادة تركيز السموم في الميكرو بلاستيك (7). فيما يلي دراسة حديثة تثير القلق من التسمم بالبلاستيك الدقيق لدى الأطفال (8). تشير دراسة حديثة من أكتوبر 2022 إلى وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة في حليب الأم الطبيعي (9). تشير دراسة حديثة أخرى إلى طرق امتصاص الجسيمات البلاستيكية في الجسم وتقدّم اكتشافًا لوجود جزيئات بلاستيكية في المشيمة (10). يمكن أن تسبّب اللدائن البلاستيكية الدقيقة أضرارًا جسيمة لخلايا الجهاز المناعي، تدمر خلايا الدم الحمراء وتؤدي إلى رد فعل تحسّسي (11). وجدت الدراسة التالية أن اللدائن البلاستيكية الدقيقة سامة للجهاز العصبي وتسبب الأمراض التنكسية. تشير الدراسة أيضًا إلى أن اللدائن البلاستيكية الصغرية هي عامل يُدخل البكتيريا الخطرة وعوامل التلوث إلى الجسم (12).

​

2- جوانب إضافية للسلامة:

يتطور نظام التوازن عند الإنسان في أثناء ملامسته للأرض وعند التعامل مع مجموعة متنوّعة من الأسطح والتضاريس. إن إقراء ساحة اللعب بالمواد الطبيعية المتنوّعة، على النحو الموصى به في نشرة المدير العام لوزارة التربية والتعليم (يظهر في القسم الأخير من العريضة) ضروري لتنمية قدرة الأطفال على حماية أنفسهم من الأخطار.

 

مخاطر المنصات والأراضي الصناعية كثيرة: بالإضافة إلى المخاطر الكيميائية الحيوية، فإن احتكاك الجلد بالعشب الصناعي أو أرضيات الإطارات المطاطية يسبب حروقًا شديدة تصل إلى حد تقشّر الجلد. تعتبر ارتفاع حرارة الصفائح الصناعية أيضًا مصدرًا للحروق وحتى ضربات الشمس.

 

من الجدير بالذكر أن هناك حلولاً لوضع ركيزة طبيعية ناعمة أسفل الألعاب المرتفعة عن الأرض أو الألعاب المنتفخة، مثلًا: السمسم.

​

3- الساحات المبطنة مرتبطة بصعوبات التنظيم عند الأطفال 

تغيرت البيئات التنموية للأطفال بشكل جذري في السنوات الأخيرة. يعد الاتصال بالبيئات الغنية بالطبيعة، التربة، الأشجار والشجيرات مفيدًا جدًا في تطوير وتنمية مهارات تنظيم الإصغاء والتركيز والتعافي النفسي لدى الأطفال (13). لقد نشأنا أقرب إلى الطبيعة، وهذا منافٍ تمامًا للأراضي البلاستيكية القاحلة الموجودة في معظم ساحات رياض الأطفال اليوم، في عصر بات يمثّل فيه اضطراب الإصغاء والتركيز والاضطرابات النفسية وباءً خطيرًا. تسمح بيئات اللعب التي تحتوي على التربة والرمال باستمرارية تنموية تربط اللعب الحسي-الحركي باللعب الرمزي-الإبداعي، وهو مساحة للطفل للتعبير عن محتويات الروح، وتوازن تنظيم حساسية الحواس أثناء التعرض للمسطحات الطبيعية. كل هذه الأمور مرتبطة بتنمية مهارات التنظيم العاطفي ، والتي تعدّ أساس مهارات المرونة عند الاطفال. بالإضافة إلى ذلك، نذكر من جديد أن الرصاص الموجود في الصفائح الصناعية سام للجهاز العصبي ويزيد من صعوبات الانتباه والإصغاء والتركيز.

 

4- هل التربة هي قذارة؟

هل التربة صحية أم خطرة على الأطفال؟ التربة هي ثروة بيولوجية ذو أهمية كبيرة لحياة الإنسان. تحتوي على مجموعة متنوّعة من الكائنات الحية الدقيقة، بعضها ضروري لصحة الإنسان في مختلف المجالات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، جهاز المناعة. تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين ينشؤون على التربة أو قريبًا منها يتمتعون بصحة أفضل من الأطفال المنفصلين عنها (14). يدفع الخوف من التلوث الذي يسبّبه براز القطط العديد من السلطات والأهالي إلى تفضيل العشب الصناعي. هناك حلول بسيطة للحدّ من مشكلة فضلات القطط: إحاطة ساحة اللعب وإغلاقها بأحكام بأكياس رملية، وهناك أيضًا وسائل إلكترونية فعالة تدفع القطط بعيدًا وتبعدها عندما لا يكون الأطفال في ساحة اللعب.

 

5- "العشب الصناعي" وصفائح الإطارات المطاطية: تدمير البيئة والمناخ

تشكّل مشكلة اللدائن البلاستيكية الدقيقة مصدر قلق كبير في جميع أنحاء العالمK لأنها لها عواقب بعيدة المدى على النظم البيئية بأكملها. العشب الصناعي هو نتاج صناعة ملوِّثة، تعتمد على الوقود، في حين أن العشب الصناعي والصفائح المطاطية غير قابل لإعادة التدوير. نحن نتحدّث عن أطنان عديدة من المواد الملوّثة التي يتم دفنها بعد سنوات قليلة في مكب النفايات، وذلك بعد أن لوّثت ساحة المؤسسة التعليمية بالجزيئات البلاستيكية الدقيقة، المعادن الثقيلة، البكتيريا والمواد الكيميائية السامة.

 

أصبحت رياض الأطفال الآن جزرًا حرارية، لأن درجة حرارة العشب الصناعي تصل إلى حوالي 70 درجة مئوية. تخلق مئات أو آلاف الدونمات من هذه الجزر الحرارية في كل مدينة، إلى جانب الأسطح الخرسانية والأسفلتية، تأثيرًا تراكميًا للاحترار في الفضاء الحضري، ممّا يزيد من استخدام مكيفات الهواء، ما يؤدّي إلى زيادة الاحتباس الحراري المحلي والعالمي. عند تقديم حقيقة أن إسرائيل عرضة لمزيد من الاحترار، ما يصل إلى مرتين أكثر من الدول الأخرى بسبّب تغير المناخ، ينشأ قلق كبير. يمكن للجزر الحرارية في المدن أن تزيد من شدّة موجات الحرارة ومدّتها. من الآثار الصحية للجزء الحرارية المحلية تجد ضربة الشمس، السكتة الدماغية، الصداع، الغثيان، الإغماء وحتى الموت (15). إن تظليل أسطح العشب الصناعي بشبكات التظليل يزيد من الاعتماد على المواد الصناعية في ساحة المؤسسة التعليمية ولا يوفر الشعور اللطيف الناتج عن ظل الأشجار. توصي وكالة حماية البيئة الأمريكية بزراعة الأشجار كوسيلة للتخفيف من حرارة الجزر المحلية (16).

​

6- توفير المياه؟ أو تلويث هائل لمصادر المياه!

يعتبر توفير المياه من الادعاءات الأكثر شيوعًا لدعم استخدام العشب الصناعي. العشب الصناعي عبارة عن صفائح تلوث البيئة بالجزيئات البلاستيكية الدقيقة، المواد الكيميائية والمعادن الثقيلة التي تدمر ثروات المياه واحتياطات موارد الكفاف لأطفالنا. في المنطقة الشمالية، على سبيل المثال، يتفتت العشب الصناعي وتنتشر أليافه في كل مكان. قاعدة حوض تصريف المياه في صفد، الجليل الأعلى الشرقي، الجليل الأسفل الشرقي، الجولان ووادي الحولة هي بحيرة طبريا. يتم تصريف عشرات الآلاف من الأسطح العشبية الصناعية وأسطح فتات الإطارات المطاطية في جميع أنحاء البلاد، إلى البحر الأبيض المتوسط وإلى المياه الجوفية.

 

7- التربية البيئية: كيف نربي الأوصياء على موارد الوجود؟

 "يجب أن تكون ساحات المؤسسات التعليمية رئات خضراء، مصدرًا للمرونة النفسية والتنمية المثلى للأطفال، وذات قيمة بيئية جماهيرية واسعة. يجب أن تكون ساحات المؤسسات التعليمية مصدرًا للتعليم المتعدد الحواس، والذي يحتوي على حلقات من التراث والأحياء والبيئة وغير ذلك. التربية المستقبلية يجب أن تعتمد على التعليم والبحث التكامليين اللذين يوضحان العلاقات المتبادلة بين عمليات التنمية الشخصية، الصحة، المرونة، المجتمع والبيئة" (منشور المدير العام وزارة التربية والتعليم 2015). يتم بناء أسس التربية البيئية عبر اتصال مباشر مع الطبيعة بمختلف أسطحها.

 

من واجبنا كمواطنين، مربّين ومربّيات وكآباء وأمهات، أن نعمل قدر الإمكان على تحقيق رؤية وزارة التربية والتعليم فيما يتعلق بساحات المؤسّسات التعليمية، والتي تظهر هنا. ندعو إلى تعاون واسع مع الوزارات الحكومية: وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة، وزارة حماية البيئة، السلطات المحلية ومختلف المنظمات ذات الصلة بالبيئة والصحة. تشير المعلومات الواردة في هذه الوثيقة إلى أن أي تأخير في استبدال العشب الصناعي ينطوي على أضرار صحية وبيئية جسيمة. يجب أن نتحرك الآن.

 

من واجبنا أن نحذو حذو مدينة بوسطن التي حظرت تركيب الأسطح العشبية الصناعية بسبب سمّيّة المواد للإنسان والبيئة (17).